ضمور العضلات الشوكي (أو الفقري) أخذ تسميته من إصابة الأعصاب التي تظهر من الحبل الشوكي الموجود في العمود الفقري. يظهر على شكل ضمور لعضلات الأطراف مع ارتخاء شديد في العضلات، ويطلق عليه باللغة الإنجليزية (Spinal Muscular Atrophy) ويختصر بالحروف الأولى لكل كلمة(SMA) مرض إس أم أي. وهذا المرض وراثي ينتقل من جيل إلى آخر كما تنتقل الصفات الوراثية الأخرى.
فنحن نكتسب الصفات الوراثية من آبائنا مثل لون العيون والشعر. فإذا كانت والدتك ــ مثلا ـــ شعرها أشقر من المحتمل أنّ يكون لك شعر أشقر.
وهذا يعتبر من الأمراض التي تنتقل بالوراثة المتنحية حيث يكون الأبوان حاملين (ناقلين) للمرض واحتمالية أن يصاب طفل آخر هو 25%. أيضاً مرض ضمور العضلات الشوكي (إس إم إيه) يجعل العضلات في أجسام المصابين أضعف ولا يمكن أن يتحكّموا فيها. وهذا أحيانا يعني أن لدى الأطفال مع مرض (إس أم إيه) متاعب تنفّس ومشاكل في البلع.
الأسباب
مرض الضمور العضلي الشوكي ناتج عن خلل(طفرة) في جين يسمى اختصاراً إس إم إن (SMN) والمعلومات المتوفرة في هذا الوقت هي أن هذا الجين ينتج بروتين له دور مهم في الخلايا الأمامية للحبل الشوكي. والخلايا الأمامية هي التي تتحكم بحركة العضلات الموجودة في أجزاء الجسم المختلفة عن طريق ألياف عصبية (كأسلاك الكهرباء في المنزل) طويلة.
فعندما يرغب الإنسان مثلا في تحريك تلك العضلة، فإن الخلية الأمامية ترسل إشارة كهربائية عبر ذلك السلك لتحرك العضلة. وعند ضمور الخلايا الأمامية، فإن العضلات لا تستطيع الحركة ومع الوقت تضمر تلقائيا تضمر هذه العضلات أيضاً. وبغض النظر عن الدور الحقيقي للبروتين المنتج من جين إس أم إن فإن هذا البروتين مهم في استمرار الخلية الأمامية في أداء دورها.
ومع أن ضمور الخلايا الأمامية متواصل فالمصابين بالمرض فان العبء عليها أيضاً يزداد مع نمو الجسم وزيادة العضلات وحاجة الجسم للحركة. ولذلك فإن الأمر يزداد تعقيداً فمع عدم الحركة وضمور العضلات فإن الهشاشة في العظم تزداد ويبدأ العمود الفقري بالانحناء نتيجة لعدم أداء العضلات لدورها المتوقع والذي هو الحركة والحفاظ على توتر(شد) العضلات.
أنواع المرض
هناك أنواع عدة لهذا المرض. ولكن من أشهر تقسيماته هو تقسيمه حسب شدة الإصابة إلى ثلاثة أنواع نوع شديد ومتوسط وخفيف ويضاف إليها نوع رابع يسمى نوع الكبار. وهناك من يضيف نوعين إضافيين أشد من النوع الأول حيث يولد الطفل ولديه انكماش في المفاصل مع تأثيره على ملامح الوجه والعينين أو بدون. وهذه التقسيمات بشكل عام يعتمد على شدة الأعراض ووقت ظهورها.
النوع الأول(شديد)
وهذا النوع يسمى أيضاً مرض ويردنيج ـــ هوفمان Werdnig ـــ Hoffmann Disease. حيث إن الطبيبين هما أول من أشار إلى وجود هذا المرض وسمي المرض باسمهم.
وتظهر الأعراض في العادة خلال الأشهر الستة الأولى من العمر مع أن غالبيّة للحالات تظهر العلامات قبل 3 أشهر من العمر. كما قد تلاحظ الأم خلال الحمل قله حركة الجنين في بطنها خاصة في الأشهر الأخيرة من للحمل. وتبدأ الأعراض بملاحظة الأهل لوجود ارتخاء في العضلات مع ضعف في العضلات خاصة الأطراف والرقبة مع قله في الحركة، وهذا الارتخاء والضعف يزداد مع مضي الوقت.
والطفل المصاب بهذا النوع يعتمد اعتماد كلي على الغير فهو غير قادر على رفع رأسه ولا على الجلوس. كما قد تضعف عضلات البلع والمص فتظهر مشاكل في التغذية والبلع وتكثر عمليات دخول الطعام إلى القصبة الهوائية عن الرضاعة، ويصعب عليه حتى التحكم في بلع الريق والإفرازات المخاطية المتراكمة في الحلق. كما تتضح (خاصة للأطباء) اهتزازات مستمرة في اللسان تجعل تشخيص المرض أكثر ووضوحاً لدى الأطباء.
ويظهر لديه ضعف عام بعضلات ويبدو الصدر غائر وضيق من أعلى. كما يبذل مجهود كبير للتنفس بسبب ضعف وارتخاء عضلات القفص الصدري. ويمكن ملاحظة ذلك بتحرك عضلات البطن بدل الصدر عند التنفس وذلك ناتج لأن عضلات القفص الصدري ضامرة ولا تقوم بدورها ما عدى الحجاب الحاجز والذي يفصل الصدر عن البطن. ومع تدهور مشاكل التغذية والبلع والتنفس فإن الطفل تدهور حالته إلى أن يتوفى في السنة الثانية من العمر.
النوع الثاني (متوسط)
يشخص المصابون بهذا النوع من الضمور بعد سن سبعة أشهر وخلال الثمانية عشر شهراً الأولى. وتقريباً دائما قبل إتمام السنة الثانية من العمر. مع أن الغالبية قبل الشهر الخامس عشر.
قد يستطيع الطفل المصاب بهذا النوع من الجلوس من دون وضع ساند لهم.مع أنهم في الغالب يحتاجون من يحركهم لوضعية الجلوس عندما يكونون مستلقين. وقد يستطيع المصاب في مرحلة متأخرة من الوقوف ولكن بمساعدة الأجهزة المساعدة والمساندة.
وفي الغالب فإن المصاب بهذا النوع لا يواجه مشاكل في التغذية ولكن قد يصعب عليه تناول كمية كافية من الغذاء عن طريق الفم نتيجة لضعف المضغ والبلع. ولذلك قد يحتاجون لتناول المزيد من الطعام والغذاء عبر أنبوب في الأنف أو عن طريق البط مباشرة إلى المعدة خاصة إذا كان هناك خوف من دخول الطعام إلى الجهاز التنفسي.
كما يعاني المصاب بهذا النوع بضعف في عضلات التنفس وأن كان يستطيع أن يتنفس بشكل جيد وكاف إلى أن قدرته على المحافظة على مستوى كاف من الأكسجين في الدم خلال النوم صعب بعض الشيء وقد يحتاج الشخص إلى اسطوانة أكسجين كمساعدة. كما أن هناك ضعفاً في الكحة وطرد الإفرازات التنفسية ولذلك قد تكثر لديهم الالتهابات الرئوية.
كما تظهر الاهتزازات المميزة لمرض ضمور العضلات الشوكي في اللسان في هذا النوع أيضا. ومن الشائع أيضاً حدوث انحناء وتقوس في العمود الفقري قد يستدعي إجراء عملية جراحية مع هشاشة عامة في العظام. ومع نمو الجسم يزداد الضغط على الخلايا العصبية ولذلك قد تدهور صحة المريض مع الوقت وقد تثبت حالته لمدة طويلة.
النوع الثالث (خفيف)
يطلق على هذا النوع أيضاً مرض كوجل بيرق ـــ فليندر (Kugelberg ـــ Welander). ويتراوح سن ظهور الأعراض في هذا النوع بشكل كبير.فقد يتراوح ظهور الأعراض بين السنة الأولى من العمر إلى وقت البلوغ حتى بعد ذلك العمر.
مع أن الأعراض في العادة تبدأ بالظهور خلال الثلاث السنوات الأولى تبدأ الأعراض عادة في الأيدي, الأقدام واللّسان وانتشرت إلى المناطق الأخرى للجسم يستطيع المريض الوقوف والمشي وممارسة حياته الطبيعية ومع عدم تأخر في النمو أو اكتساب المهارات الأساسية. ولكن قد يلاحظ الأهل كثرة تعثر الطفل وصعوبة النهوض من وضع الجلوس وفي لانحناء وقد يتطور المرض حتى يصبح المريض غير قادر على المشي مع تقدم العمر فيحتاج إلى استعمال الكرسي المتحرك. النوع الرابع(الكبار) تظهر أعراض هذا النوع بعد السن 35 سنة. ومن النادر جداً أن تظهر بين سن 18 ـــ 30 سنة.
وتظهر الأعراض بالتدريج وبشكل بطيء كما أنها من النادر أن تصيب عضلات الفم المتعلقة بالبلع وتنسيق التنفس. ومن الأشياء الأساسية والمميزة لمرض ضمور العضلات الشوكي بكل أنواعه (الأول والثاني والثالث والرابع) هو سلامة الحواس الأخرى وسلامة العقل والإدراك والتفكير.
التشخيص
يفحص الأطباء المرض حسب الأعراض الخارجية للمرض وتسلسل تاريخ المرض. ومن أهم الأعراض هي ارتخاء وضعف العضلات واهتزاز اللسان. ويستعين الأطباء ببعض الفحوصات الطبية والتي تتمثل في تخطيط العضلات (Electroyography) وتخطيط العصب(الألياف العصبية) Nerve Conduction Velocityمع الفحوصات الأخرى لتأكد من عدم وجود أمراض أخرى مشابهة له كقياس إنزيم العضلة (CPK) في حالة أمراض العضلات.
وفي السابق كان الأطباء يعتمدون على عينة العضلات لتشخيص النهائي للمرض ولكن ومع توفر التحليل الجيني تحليل SMN gene قل بشكل كبير إجراء هذا التحليل ويجرى في المراكز التي لا يتوفر فيها هذا التحليل أو في الحالات التي ظهرت فيها نتائج التحليل سليمة بينما الأطباء لديهم قناعة في الإصابة بهذا المرض.
وعند إجراء الفحص الجيني فإن أكثر من 95% (بالضبط 95 ـــ 98%) من المصابين بمرض ضمور العضلات الشوكي لديهم نقص في كلا نسختي جين إس أم إن رقم واحد والتي جاءت من الأب والأم. بينما 5% (بالضبط 2 ـــ 5%) ليدهم نقص في أحدى النسختين والنسخة الأخرى فيها تغير في تسلسل الدي إن أي(Point Mutation) وليس نقص.وفي كل الحالات الناتجة عن نقص جين أم إس إن يكون النقص في الجزء المسمى بأكسون 7 وأكسون 8 (Exons 7 and .
ولذلك فان المختبرات عند فحصها لجين أم إس إن رقم واحد تفحص اكسون 7 و8. فإذا لم تكن موجودة فإنها تأكد الإصابة بالمرض. ولكن عدم وجود النقص لا يعني بالضرورة عدم الإصابة وذلك لبعض الإشكالات الفنية التي قد يطول الحديث عنها. أما في حالة تغير التسلسل في الدي إن أي فإنه يكشف عنها عن طريق فحص الجين بالكامل ومعرفة تسلسله(Sequence analysis). ويختلف "نوع" وشدة المرض حسب العدد الإجمال للجين رقم 2 والمسمى بإم إس إن رقم اثنين.
ولا يعتمد على تحليل "نقص" الجين ولا حتى تسلسل الدي إن أي للكشف على الشخص غير المصاب لمعرفة إذا ما كان "حامل" للمرض أم لا بل يحتاج الأمر إلى طريقة أخرى تعرف (SMN gene dosage analysis) والتي تعتمد على البي سي ار (PCR ـــ based dosage assay). أو تستخدم طريقة الترابط (Linkage analysis).
الجين المسبب
لكي تتمكن من متابعة شرحنا ننصحك أولا بالإطلاع على هذه الصفحة لمعرفة المعلومات الأساسية عن الخلية والنواة والكروموسومات والجينات والبروتينات بشكل سريع. ثم تكمل قراءة الموضوع.
فالجين عبارة عن مقطع في تسلسل الدي إن أي. والجين(و يسمى باللغة العربية المورث) يتكون من عدة أجزاء ولكن أهم جزئيين هما الأكسونات (الأجزاء المهمّة من الجين الذي ينتج البروتين) والأنترونات (جزء الحشو بين الأكسونات). وعند طلب الخلية من النواة إنتاج بروتين معين فإن جهاز النواة تقوم بإصدار الأوامر أولا بالقيام بنسخ الجين المراد إنتاج البروتين منه. والجين هو DNA وتسمى النسخة المنتجة RNA، وهو إلى حد كبير شبيه DNA ما عدى بعض الاختلاف الكيميائي.
يحتوي RNA في البداية من الأكزونات والأنترونات كما هو الحال في DNA. ولكن تقوم النوة بقص الأنترونات من بين الأكسونات ويتم التخلص منها ومن ثم ربط الأكزونات بعضها ببعض فتصبح قطعة متحدة من الأكسونات تسمى RNA أي الناضج.بعدها ينتقل RNA إلى خارج النواة ويذهب إلى مصنع إنتاج البروتينات(المسمى بالريبوزومات) فيتم قراءة الشفرة المكتوبة على RNA وينتج بروتين خاص ومطابق لهذه الشفرة.
يوجد في النواة وداخل الكروموزومات عدد يتجاوز الثلاثون ألف من الجينات. كل جين ينتج نوع مختلفا من البروتينات. ولكن كل خلية تنتج عدداً محدوداً من البروتينات والتي تكون مهمة لأداء الخلية لوظيفتها. وباختصار فكل إنسان لديه نسختان من كل كروموزوم (نسخة يرثها من أبيه وأخرى من أمه) وكل كروموسوم عليه نسخة من كل جين. وكل جين عبارة عن مقاطع متصلة مع بعضها البعض. وهناك نوعان من المقاطع نوع يسمى بالاكسونات وآخر بالانترونات. وهي مرتبة ومترابطة ببعضها البعض. الجين هو الذي يصنع منه البروتين ولكن قبل أن يصنع البروتين يمر بمرحلة ينتج فيها مادة تسمى بالآر إن أي حيث يحذف من الجين الانترونات وتبقى فقط الأكسونات.
وفي كروموسوم 5 (و لنقل التي مصدرها الأب) وعلى الذراع الطويلة بالتحديد يقع جينين متجاورين أحدهم يسمى بإس أم إن رقم واحد(SMN1) والثاني يسمى بإس أم إن رقم اثنين(SMN2) وبالطبع يوجد نسختين أخريين من الجينين في النسخة الأخرى من كروموسوم 5 والتي مصدرها الأم.
يتكون (SMN1) و(SMN2) من 9 اكسونات (Exons). لقد وجد ان الجين رقم 1 هو بالضبط الجين رقم 2 بختلاف بسيط وفي نقطة واحدة من تسلسل الدي إن أي في الاكسون 7 والاكسون 8. ولكن الجين المهم والذي ينتج البروتين هو رقم واحد بينما رقم 2 ينتج كميات قلية جدا.ولكي نختصر سوف نطلق على الجينين جين رقم 1 وجين رقم 2. وبذلك فكل إنسان لدية نسختان من جين رقم واحد ونسختان من جين رقم 2.
وعند إصابة كلا النسختين من جين رقم واحد بنقص أو عطب(طفرة) فإن الشخص يصاب بمرض ضمور العضلات الشوكي. هذه هي الحالة المعتادة ولكن وجدت فروقات نادرة الحدوث بين الناس في عدد جينات رقم 1 ورقم 2 هذا الاختلاف في العدد »عقد« أمر الفحوصات للتأكد من إصابة بعض الأشخاص بالمرض وبالكشف على الأشخاص الذين يرغبون أن يعرفوا إذا ما كانوا حاملين للمرض أم لا!.
كما اتضح أيضاً أن عدد جينات رقم 2 تحدد شدة الإصابة. فمثلاً وجد أن 90% من الأشخاص المصابين بالنوع الخفيف (النوع الثالث) لديهم ثلاث أو أربع نسخ من الجين رقم 2 بدل من نسختان مع حدوث نقص في كلا نسختي جين رقم واحد.بينما 95% من المصابين بالنوع الأول(الشديد) وجد لديهم نسختان أو واحدة فقط من جين رقم 2 مع حدوث نقص في كلا نسختي جين رقم 1.
ولذلك يبدوا أن الجين رقم 2 ليس مهم إذا كان الجين رقم 1 سليم. ولكنه يصبح مهم جدا إذا كان الجين رقم 1 لا يعمل أو معطوب. ولذلك فإن الأبحاث الحالية تفكر في طرق استحثاث إنتاج كميات من البروتين من الجين رقم 2 عن طريق الأدوية لكي تغطي النقص الحاصل من عطب الجين رقم 1.
وقد اعتمد كثير من المختبرات على فحص وجود الاكسون رقم 7 للجين رقم 1 ورقم 2 في تشخيص »المصابين بمرض ضمور العضلات الشوكي. فإذا لم يجدوا اكسون 7 من جين رقم واحد شخصوا هذا المرض (كما في الشك أدناه) وإذا وجدوه توقفوا وقالوا إن التحليل الذي أجروه » لا ينفي ولا يؤكد الإصابة« ويحتاج الأمر إلى فحوصات أخرى تتعلق بالكشف على تسلسل الجين ومعرفة عدد الجينات في رقم واحد.
العلاج
للأسف لا يوجد علاج شاف لهذا المرض. ولذلك تتم رعاية المصاب بهذا المرض بتقديم المساعدة الطبية المتعلقة بالتغذية والتنفس والعلاج الطبيعي والحركي.
فنحن نكتسب الصفات الوراثية من آبائنا مثل لون العيون والشعر. فإذا كانت والدتك ــ مثلا ـــ شعرها أشقر من المحتمل أنّ يكون لك شعر أشقر.
وهذا يعتبر من الأمراض التي تنتقل بالوراثة المتنحية حيث يكون الأبوان حاملين (ناقلين) للمرض واحتمالية أن يصاب طفل آخر هو 25%. أيضاً مرض ضمور العضلات الشوكي (إس إم إيه) يجعل العضلات في أجسام المصابين أضعف ولا يمكن أن يتحكّموا فيها. وهذا أحيانا يعني أن لدى الأطفال مع مرض (إس أم إيه) متاعب تنفّس ومشاكل في البلع.
الأسباب
مرض الضمور العضلي الشوكي ناتج عن خلل(طفرة) في جين يسمى اختصاراً إس إم إن (SMN) والمعلومات المتوفرة في هذا الوقت هي أن هذا الجين ينتج بروتين له دور مهم في الخلايا الأمامية للحبل الشوكي. والخلايا الأمامية هي التي تتحكم بحركة العضلات الموجودة في أجزاء الجسم المختلفة عن طريق ألياف عصبية (كأسلاك الكهرباء في المنزل) طويلة.
فعندما يرغب الإنسان مثلا في تحريك تلك العضلة، فإن الخلية الأمامية ترسل إشارة كهربائية عبر ذلك السلك لتحرك العضلة. وعند ضمور الخلايا الأمامية، فإن العضلات لا تستطيع الحركة ومع الوقت تضمر تلقائيا تضمر هذه العضلات أيضاً. وبغض النظر عن الدور الحقيقي للبروتين المنتج من جين إس أم إن فإن هذا البروتين مهم في استمرار الخلية الأمامية في أداء دورها.
ومع أن ضمور الخلايا الأمامية متواصل فالمصابين بالمرض فان العبء عليها أيضاً يزداد مع نمو الجسم وزيادة العضلات وحاجة الجسم للحركة. ولذلك فإن الأمر يزداد تعقيداً فمع عدم الحركة وضمور العضلات فإن الهشاشة في العظم تزداد ويبدأ العمود الفقري بالانحناء نتيجة لعدم أداء العضلات لدورها المتوقع والذي هو الحركة والحفاظ على توتر(شد) العضلات.
أنواع المرض
هناك أنواع عدة لهذا المرض. ولكن من أشهر تقسيماته هو تقسيمه حسب شدة الإصابة إلى ثلاثة أنواع نوع شديد ومتوسط وخفيف ويضاف إليها نوع رابع يسمى نوع الكبار. وهناك من يضيف نوعين إضافيين أشد من النوع الأول حيث يولد الطفل ولديه انكماش في المفاصل مع تأثيره على ملامح الوجه والعينين أو بدون. وهذه التقسيمات بشكل عام يعتمد على شدة الأعراض ووقت ظهورها.
النوع الأول(شديد)
وهذا النوع يسمى أيضاً مرض ويردنيج ـــ هوفمان Werdnig ـــ Hoffmann Disease. حيث إن الطبيبين هما أول من أشار إلى وجود هذا المرض وسمي المرض باسمهم.
وتظهر الأعراض في العادة خلال الأشهر الستة الأولى من العمر مع أن غالبيّة للحالات تظهر العلامات قبل 3 أشهر من العمر. كما قد تلاحظ الأم خلال الحمل قله حركة الجنين في بطنها خاصة في الأشهر الأخيرة من للحمل. وتبدأ الأعراض بملاحظة الأهل لوجود ارتخاء في العضلات مع ضعف في العضلات خاصة الأطراف والرقبة مع قله في الحركة، وهذا الارتخاء والضعف يزداد مع مضي الوقت.
والطفل المصاب بهذا النوع يعتمد اعتماد كلي على الغير فهو غير قادر على رفع رأسه ولا على الجلوس. كما قد تضعف عضلات البلع والمص فتظهر مشاكل في التغذية والبلع وتكثر عمليات دخول الطعام إلى القصبة الهوائية عن الرضاعة، ويصعب عليه حتى التحكم في بلع الريق والإفرازات المخاطية المتراكمة في الحلق. كما تتضح (خاصة للأطباء) اهتزازات مستمرة في اللسان تجعل تشخيص المرض أكثر ووضوحاً لدى الأطباء.
ويظهر لديه ضعف عام بعضلات ويبدو الصدر غائر وضيق من أعلى. كما يبذل مجهود كبير للتنفس بسبب ضعف وارتخاء عضلات القفص الصدري. ويمكن ملاحظة ذلك بتحرك عضلات البطن بدل الصدر عند التنفس وذلك ناتج لأن عضلات القفص الصدري ضامرة ولا تقوم بدورها ما عدى الحجاب الحاجز والذي يفصل الصدر عن البطن. ومع تدهور مشاكل التغذية والبلع والتنفس فإن الطفل تدهور حالته إلى أن يتوفى في السنة الثانية من العمر.
النوع الثاني (متوسط)
يشخص المصابون بهذا النوع من الضمور بعد سن سبعة أشهر وخلال الثمانية عشر شهراً الأولى. وتقريباً دائما قبل إتمام السنة الثانية من العمر. مع أن الغالبية قبل الشهر الخامس عشر.
قد يستطيع الطفل المصاب بهذا النوع من الجلوس من دون وضع ساند لهم.مع أنهم في الغالب يحتاجون من يحركهم لوضعية الجلوس عندما يكونون مستلقين. وقد يستطيع المصاب في مرحلة متأخرة من الوقوف ولكن بمساعدة الأجهزة المساعدة والمساندة.
وفي الغالب فإن المصاب بهذا النوع لا يواجه مشاكل في التغذية ولكن قد يصعب عليه تناول كمية كافية من الغذاء عن طريق الفم نتيجة لضعف المضغ والبلع. ولذلك قد يحتاجون لتناول المزيد من الطعام والغذاء عبر أنبوب في الأنف أو عن طريق البط مباشرة إلى المعدة خاصة إذا كان هناك خوف من دخول الطعام إلى الجهاز التنفسي.
كما يعاني المصاب بهذا النوع بضعف في عضلات التنفس وأن كان يستطيع أن يتنفس بشكل جيد وكاف إلى أن قدرته على المحافظة على مستوى كاف من الأكسجين في الدم خلال النوم صعب بعض الشيء وقد يحتاج الشخص إلى اسطوانة أكسجين كمساعدة. كما أن هناك ضعفاً في الكحة وطرد الإفرازات التنفسية ولذلك قد تكثر لديهم الالتهابات الرئوية.
كما تظهر الاهتزازات المميزة لمرض ضمور العضلات الشوكي في اللسان في هذا النوع أيضا. ومن الشائع أيضاً حدوث انحناء وتقوس في العمود الفقري قد يستدعي إجراء عملية جراحية مع هشاشة عامة في العظام. ومع نمو الجسم يزداد الضغط على الخلايا العصبية ولذلك قد تدهور صحة المريض مع الوقت وقد تثبت حالته لمدة طويلة.
النوع الثالث (خفيف)
يطلق على هذا النوع أيضاً مرض كوجل بيرق ـــ فليندر (Kugelberg ـــ Welander). ويتراوح سن ظهور الأعراض في هذا النوع بشكل كبير.فقد يتراوح ظهور الأعراض بين السنة الأولى من العمر إلى وقت البلوغ حتى بعد ذلك العمر.
مع أن الأعراض في العادة تبدأ بالظهور خلال الثلاث السنوات الأولى تبدأ الأعراض عادة في الأيدي, الأقدام واللّسان وانتشرت إلى المناطق الأخرى للجسم يستطيع المريض الوقوف والمشي وممارسة حياته الطبيعية ومع عدم تأخر في النمو أو اكتساب المهارات الأساسية. ولكن قد يلاحظ الأهل كثرة تعثر الطفل وصعوبة النهوض من وضع الجلوس وفي لانحناء وقد يتطور المرض حتى يصبح المريض غير قادر على المشي مع تقدم العمر فيحتاج إلى استعمال الكرسي المتحرك. النوع الرابع(الكبار) تظهر أعراض هذا النوع بعد السن 35 سنة. ومن النادر جداً أن تظهر بين سن 18 ـــ 30 سنة.
وتظهر الأعراض بالتدريج وبشكل بطيء كما أنها من النادر أن تصيب عضلات الفم المتعلقة بالبلع وتنسيق التنفس. ومن الأشياء الأساسية والمميزة لمرض ضمور العضلات الشوكي بكل أنواعه (الأول والثاني والثالث والرابع) هو سلامة الحواس الأخرى وسلامة العقل والإدراك والتفكير.
التشخيص
يفحص الأطباء المرض حسب الأعراض الخارجية للمرض وتسلسل تاريخ المرض. ومن أهم الأعراض هي ارتخاء وضعف العضلات واهتزاز اللسان. ويستعين الأطباء ببعض الفحوصات الطبية والتي تتمثل في تخطيط العضلات (Electroyography) وتخطيط العصب(الألياف العصبية) Nerve Conduction Velocityمع الفحوصات الأخرى لتأكد من عدم وجود أمراض أخرى مشابهة له كقياس إنزيم العضلة (CPK) في حالة أمراض العضلات.
وفي السابق كان الأطباء يعتمدون على عينة العضلات لتشخيص النهائي للمرض ولكن ومع توفر التحليل الجيني تحليل SMN gene قل بشكل كبير إجراء هذا التحليل ويجرى في المراكز التي لا يتوفر فيها هذا التحليل أو في الحالات التي ظهرت فيها نتائج التحليل سليمة بينما الأطباء لديهم قناعة في الإصابة بهذا المرض.
وعند إجراء الفحص الجيني فإن أكثر من 95% (بالضبط 95 ـــ 98%) من المصابين بمرض ضمور العضلات الشوكي لديهم نقص في كلا نسختي جين إس أم إن رقم واحد والتي جاءت من الأب والأم. بينما 5% (بالضبط 2 ـــ 5%) ليدهم نقص في أحدى النسختين والنسخة الأخرى فيها تغير في تسلسل الدي إن أي(Point Mutation) وليس نقص.وفي كل الحالات الناتجة عن نقص جين أم إس إن يكون النقص في الجزء المسمى بأكسون 7 وأكسون 8 (Exons 7 and .
ولذلك فان المختبرات عند فحصها لجين أم إس إن رقم واحد تفحص اكسون 7 و8. فإذا لم تكن موجودة فإنها تأكد الإصابة بالمرض. ولكن عدم وجود النقص لا يعني بالضرورة عدم الإصابة وذلك لبعض الإشكالات الفنية التي قد يطول الحديث عنها. أما في حالة تغير التسلسل في الدي إن أي فإنه يكشف عنها عن طريق فحص الجين بالكامل ومعرفة تسلسله(Sequence analysis). ويختلف "نوع" وشدة المرض حسب العدد الإجمال للجين رقم 2 والمسمى بإم إس إن رقم اثنين.
ولا يعتمد على تحليل "نقص" الجين ولا حتى تسلسل الدي إن أي للكشف على الشخص غير المصاب لمعرفة إذا ما كان "حامل" للمرض أم لا بل يحتاج الأمر إلى طريقة أخرى تعرف (SMN gene dosage analysis) والتي تعتمد على البي سي ار (PCR ـــ based dosage assay). أو تستخدم طريقة الترابط (Linkage analysis).
الجين المسبب
لكي تتمكن من متابعة شرحنا ننصحك أولا بالإطلاع على هذه الصفحة لمعرفة المعلومات الأساسية عن الخلية والنواة والكروموسومات والجينات والبروتينات بشكل سريع. ثم تكمل قراءة الموضوع.
فالجين عبارة عن مقطع في تسلسل الدي إن أي. والجين(و يسمى باللغة العربية المورث) يتكون من عدة أجزاء ولكن أهم جزئيين هما الأكسونات (الأجزاء المهمّة من الجين الذي ينتج البروتين) والأنترونات (جزء الحشو بين الأكسونات). وعند طلب الخلية من النواة إنتاج بروتين معين فإن جهاز النواة تقوم بإصدار الأوامر أولا بالقيام بنسخ الجين المراد إنتاج البروتين منه. والجين هو DNA وتسمى النسخة المنتجة RNA، وهو إلى حد كبير شبيه DNA ما عدى بعض الاختلاف الكيميائي.
يحتوي RNA في البداية من الأكزونات والأنترونات كما هو الحال في DNA. ولكن تقوم النوة بقص الأنترونات من بين الأكسونات ويتم التخلص منها ومن ثم ربط الأكزونات بعضها ببعض فتصبح قطعة متحدة من الأكسونات تسمى RNA أي الناضج.بعدها ينتقل RNA إلى خارج النواة ويذهب إلى مصنع إنتاج البروتينات(المسمى بالريبوزومات) فيتم قراءة الشفرة المكتوبة على RNA وينتج بروتين خاص ومطابق لهذه الشفرة.
يوجد في النواة وداخل الكروموزومات عدد يتجاوز الثلاثون ألف من الجينات. كل جين ينتج نوع مختلفا من البروتينات. ولكن كل خلية تنتج عدداً محدوداً من البروتينات والتي تكون مهمة لأداء الخلية لوظيفتها. وباختصار فكل إنسان لديه نسختان من كل كروموزوم (نسخة يرثها من أبيه وأخرى من أمه) وكل كروموسوم عليه نسخة من كل جين. وكل جين عبارة عن مقاطع متصلة مع بعضها البعض. وهناك نوعان من المقاطع نوع يسمى بالاكسونات وآخر بالانترونات. وهي مرتبة ومترابطة ببعضها البعض. الجين هو الذي يصنع منه البروتين ولكن قبل أن يصنع البروتين يمر بمرحلة ينتج فيها مادة تسمى بالآر إن أي حيث يحذف من الجين الانترونات وتبقى فقط الأكسونات.
وفي كروموسوم 5 (و لنقل التي مصدرها الأب) وعلى الذراع الطويلة بالتحديد يقع جينين متجاورين أحدهم يسمى بإس أم إن رقم واحد(SMN1) والثاني يسمى بإس أم إن رقم اثنين(SMN2) وبالطبع يوجد نسختين أخريين من الجينين في النسخة الأخرى من كروموسوم 5 والتي مصدرها الأم.
يتكون (SMN1) و(SMN2) من 9 اكسونات (Exons). لقد وجد ان الجين رقم 1 هو بالضبط الجين رقم 2 بختلاف بسيط وفي نقطة واحدة من تسلسل الدي إن أي في الاكسون 7 والاكسون 8. ولكن الجين المهم والذي ينتج البروتين هو رقم واحد بينما رقم 2 ينتج كميات قلية جدا.ولكي نختصر سوف نطلق على الجينين جين رقم 1 وجين رقم 2. وبذلك فكل إنسان لدية نسختان من جين رقم واحد ونسختان من جين رقم 2.
وعند إصابة كلا النسختين من جين رقم واحد بنقص أو عطب(طفرة) فإن الشخص يصاب بمرض ضمور العضلات الشوكي. هذه هي الحالة المعتادة ولكن وجدت فروقات نادرة الحدوث بين الناس في عدد جينات رقم 1 ورقم 2 هذا الاختلاف في العدد »عقد« أمر الفحوصات للتأكد من إصابة بعض الأشخاص بالمرض وبالكشف على الأشخاص الذين يرغبون أن يعرفوا إذا ما كانوا حاملين للمرض أم لا!.
كما اتضح أيضاً أن عدد جينات رقم 2 تحدد شدة الإصابة. فمثلاً وجد أن 90% من الأشخاص المصابين بالنوع الخفيف (النوع الثالث) لديهم ثلاث أو أربع نسخ من الجين رقم 2 بدل من نسختان مع حدوث نقص في كلا نسختي جين رقم واحد.بينما 95% من المصابين بالنوع الأول(الشديد) وجد لديهم نسختان أو واحدة فقط من جين رقم 2 مع حدوث نقص في كلا نسختي جين رقم 1.
ولذلك يبدوا أن الجين رقم 2 ليس مهم إذا كان الجين رقم 1 سليم. ولكنه يصبح مهم جدا إذا كان الجين رقم 1 لا يعمل أو معطوب. ولذلك فإن الأبحاث الحالية تفكر في طرق استحثاث إنتاج كميات من البروتين من الجين رقم 2 عن طريق الأدوية لكي تغطي النقص الحاصل من عطب الجين رقم 1.
وقد اعتمد كثير من المختبرات على فحص وجود الاكسون رقم 7 للجين رقم 1 ورقم 2 في تشخيص »المصابين بمرض ضمور العضلات الشوكي. فإذا لم يجدوا اكسون 7 من جين رقم واحد شخصوا هذا المرض (كما في الشك أدناه) وإذا وجدوه توقفوا وقالوا إن التحليل الذي أجروه » لا ينفي ولا يؤكد الإصابة« ويحتاج الأمر إلى فحوصات أخرى تتعلق بالكشف على تسلسل الجين ومعرفة عدد الجينات في رقم واحد.
العلاج
للأسف لا يوجد علاج شاف لهذا المرض. ولذلك تتم رعاية المصاب بهذا المرض بتقديم المساعدة الطبية المتعلقة بالتغذية والتنفس والعلاج الطبيعي والحركي.