وهي نظام علاجي يهدف إلى تحسين الصحة بتحفيز وإسناد القوة المتأصلة في الجسم لاستعادة التناسق والتوازن.
وإن كان مصطلح المعالجة الطبيعية قد بدأ استعماله في مطلع القرن إلا أن أصوله قديمة . وأستطيع القول بأن أصول هذه الطريقة العلاجية تعود إلى بدء الخليقة، لأنّ الإنسان الأول عاش بالشكل الذي تهدف هذه الطريقة العلاجية أن تضعه فيه من جديد، أعني أن يعيش بتوازن و انسيابية مع الطبيعة .
ولا بد أن يكون الأنّبياء عليهم السلام قد سبقوا بإرساء قواعد هذه الطريقة المعيشية العلاجية، إلا أن أول الأسس الفلسفية والعديد من الوسائل العملية لهذه الطريقة ترجع إلى 400 ق . م . على الأقل عندما أصبح أبو قراط مشهورا باتّباع القوانين الطبيعية في العلاج.
وعلى الرغم من أن الطب المتداول يسمي أبا قراط بأبي الطب إلا أنه يتجاهل كلياً قوانين الصحة التي وضعها، والتي تقول :
1- لا يشف غير الطبيعة، بشرط إعطائها الفرصة لتحقيق ذلك.
2- ليكن الطعام دواءك وليكن دواؤك الطعام.
3- المرض هو تعبير عن التنقية.
4- المرض واحد .
الطريقة العلاجية :
هناك ثلاث قواعد رئيسة للطب الطبيعي. الأولى هي أن للجسم القدرة على شفاء نفسه من خلال قوته الداخلية ومعرفته . وهذه القوة الحيوية هي الأساس في فلسفة المعالجة الطبيعية، وأن كل ما يفعله المعالج هو توفير أفضل الظروف لتحفيز وتقوية هذه القدرة الشفائية له لطبيعة .
القاعدة الثانية هي أن المرض ما هو إلا مقاومة هذه القوة الحيوية ومحاولتها إزالة ما يعيق العمل الطبيعي للأعضاء والأنسجة . ويبحث المعالج دائما عن الأسباب الأساسية للمرض سواء كانت :
أ- كيمياوية، كأن تكون بسبب عدم توازن في كيمياء سوائل الجسم بسبب نقص التغذية، أو احتباس الفضلات سبب عدم كفاءة عمل الرئتين والكلى والأمعاء، أو بسبب سوء دوران سوائل الجسم ! .
ب- ميكانيكية، كأن تكون بسبب الشد العضلي أو تكلس المفاصل، أو عدم الأنّسجام في فقرات العمود الفقري مما يؤثر على عمل الجهاز العصبي والكيان العظمي العضلي عموما!.
ج- نفسية، مثل عدم الكفاءة بسبب الضغط العصبي والذي قد يكون بسبب القلق و الأنّزعاجات في الحياة الشخصية والعملية.
أما القاعدة الثالثة فهي أن المعالجة الطبيعية طريقة كلية كما ذكرنا في الفصل الأول .
أي أن المرض يؤثر على المريض ككل، جسمه وعقله و روحه وليس في مكان معين في الجسم، إلا أن ردود أفعال الناس لنفس المسبب تختلف حسب صحتهم الأصلية ونزعاتهم الموروثة وتاريخهم المرضي وغيرها. وما يقوم به المعالج هو محاولة معرفة السبب من وراء حالة المريض ليزيلها وليس الأعراض فقط.
من أسباب المرض :
وأول أسباب المرض ما يخص الغذاء. فإن طرق زراعته ( أو تربية الحيوانات ) وخزنه وطبخه كلها تؤثر، وكذلك أكله وكميته .
أما زراعته، فإذا استعملت الأسمدة الكيمياوية تكون، في الواقع، قد أضفت سموماً إلى طعامك . وقد أصبح هذا هو المعتاد في العقود القليلة الماضية لأجل زيادة الكمية على حساب النوعية بل الصحة .
وإذا أردت أن تحافظ على الطعام لفترة أطول من الطبيعي لا بد وأن تستعمل المواد الحافظة وخصوصاً في الأطعمة المعلبة التي باتت الطعام الوحيد للكثيرين .
وإذا أحببت أن تحسن من منظر بعض الأغذية ( هكذا يقولون ) بأن تقصرها مثلاً كما يحدث للرز الذي كان لونه أسمر فأصبح أبيض فإنك تضيف القاصر إلى غذائك ! .
أما طرق الطبخ فكثير منها يهدم قسماً كبيراً من المواد الغذائية خصوصاً القلي. كما أن استعمال ملح الطعام والتوابل وكل ما يحسن من نكهة الأطعمة ( أو قل يغيرها لأنّ الإنسان يحب ما يعتاد عليه ليس إلا ) أصبح إلى درجة أننا أصبحنا لا نتذوق الأطعمة كما هي .
وبسبب سرعة الحياة وتعقدها أخذ الإنسان يأكل أسرع من السابق ويكتفي بالأطعمة المعدة في السوق التي ليس فيها فائدة تذكر . بل إنه ليأكل وهو في زحمة العمل .
كما أصبح الأنّسان، في البلدان التي ليس فيها مجاعات، يأكل إلى حد التخمة. أصبح يأكل كميات كبيرة ولكن ذات نوعية رديئة. أو كما يقول المهتمون بشؤون المعيشة الطبيعية في أمريكا بأن الأمريكان ( وهم أكثر شعب استهلاكاً للطعام ) يتمتعون بصحة من الخارج فقط، أو هم أصحاء من الخارج ومصابون بنقص التغذية من الداخل.
والمؤسف بالنسبة لنا هو أننا نمتلك تعليمات إلهية واضحة في هذا الشأن ولكننا تركناها حبرا على ورق . فقد ورد في القرآن العظيم قوله تعالى : ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ) الأعراف - 31.
والأمر الثاني هو التلوث الذي أصاب الطبيعة من يد الأنّسان . فقد تلوثت الأرض بسبب استعمال السموم لإبادة الحشرات وأمراض المزروعات، وبسبب امتصاص التربة البطيء لسموم المعامل التي تلقى في الأنّهار . وقريبا ستبرز مشكلة النفايات النووية وهي أسوأ من كل ما سبق.
وتلوثت المياه بسبب التصريف المستمر لفضلات المعامل، حتى أثر ذلك على الحياة السمكية في الأنّهار والبحار بحيث خلت بعض الأنّهار من الأسماك .
وتلوثت السماء بسبب استعمال مبيدات الحشرات ومعطرات الجو ( وهو لعمري أسخف سبب لتلويث الجو ولتدمير صحة الإنسان بالتالي ) وأبخرة المعامل والوقود المعتمد على الاحتراق كالفحم، والحرق المستمر والمتصل للغابات ( وهذا عمل مؤسف من جهتين، تدمير الغابات وتلويث الجو ) حتى باتت الأرض مهددة بخطر ارتفاع حرارتها مما قد يؤدي إلى كوارث لا يعلم إلا الله مداها مثل ما يعرف بحالة البيت الزجاجي وهو الذي تزرع فيه النباتات في موسم البرد .
لقد خرب الإنسان التوازن الطبيعي بتدخلاته غير المسؤولة وكان كل همه إشباع رغباته، فكان قصير النظر إذ أضر بمصلحته على المدى البعيد لأجل ملذات مؤقتة . وستكشف الأيام القادمة عن حجم الخراب الذي أدت إليه الحضارة الغربية التي كم نحن الشرقيون منبهرون بها .
وكمثال واحد على التوازن الذي أنشأه الله تعالى، وكيف يخربه الإنسان ما جرى في ماليزيا في الستينات . فقد قررت الحكومة هناك استعمال مادة د . د . ت السامة في الغابات والمستنقعات لقتل بعوض الملاريا . وفعلا مات البعوض، والتهم من قبل الصراصير. ولكن تمرضت هذه الصراصير فسهل التقاطها من قبل السحالي التي أصبحت بدورها فريسة سهلة للقطط . ثم ماتت القطط بالتسمم فتكاثرت الفئران بشكل كبير، فتكاثرت براغيث الطاعون التي تعيش على أجسام الفئران . وهنا اندلع وباء الطاعون، وهلك نتيجة لذلك أكثر مما كان ممكنا للملاريا أن تقتل في سنين!! .
وهكذا ترى بأن السموم هي السبب الرئيسي وراء المرض . فإذا ما أضفت إليها الأسباب الأخرى مثل الشد العصبي بسبب تعقد الحياة خرجت بوصفة المرض في هذا الزمان. فسواء كان التسمم في الطعام أو في الجو أو بسبب عدم عمل أجهزة الجسم المختلفة بالشكل المطلوب فإن النتيجة واحدة .
كيف يمرض الجسم ؟
وكمثال على كيفية حصول العطب خذ حالة السرطان. إذا امتلأ مسرى الدم بالدهون والمواد المخاطية تبدأ الزيادة بالتجمع في الأعضاء. وبما أن الرئتين والكلى هي التي تصاب في البداية عادة فإن عملها في تنقية الدم يصبح أقل كفاءة . هذا الوضع يزيد من سوء حالة الدم أكثر وكذلك اللمف. كما أن العمليات الجراحية كاستئصال اللوزتين تضعف من اللمف وقابليته على تنظيف نفسه . وغالباً ما تؤدي هذه العمليات إلى التهابات في الغدد اللمفاوية مسببة عطباً مزمناً في نوعية الدم خصوصاً كريات الدم الحمراء والبيضاء.
وعندما تتوقف الكريات الحمراء عن التحول إلى خلايا الجسم المختلفة لا يستطيع أن يعيش العضو طويلاً . كما أن الأمعاء الدقيقة التي لا تعمل بكفاءة تزيد من تعقيد الأمر لأهميتها في نوعية خلايا الدم والبلازما. وفي كثير من الحالات يكون الوسط الأمعائي حامضياً مما يزيد الطين بلة. فلا يمكن والحالة هذه الحصول على مجرى دم صحي . ولكن ليمنع الجسم السقوط المباشر فإنه يلجأ إلى تجميع السموم على شكل أورام . وطالما لا يزال الجسم يغذى بشكل قاصر يستمر الجسم بفصل السموم مما يزيد من حجم الأورام. وعندما لا تتمكن منطقة ما من استيعاب المزيد يبدأ تجميع السموم في مناطق جديدة، فينتشر السرطان. وتستمر هذه العملية. إلي أن يمتلئ الجسم بالسرطان ويموت .
وبالجملة، يمكننا اعتبار أعراضا مثل البشرة الجافة، وتصلب الأثداء، ومشاكل البروستات، والتحوصلات في المبيض حالات ما قبل سرطانية . مع ذلك، لا يجب أن تتطور لتصبح حالات سرطانية إذا ما غيرنا من أنماط حياتنا.
أما في حالة التهابات المفاصل الروماتزمية، فإن حامض اليوريك الفائض يتجمع على العظام والعضلات و الأهم، المفاصل لقاعديتها ( تجاذب الأضداد ). وبتكلس الحامض وتحوله إلى بلورات تملأ قسماً من حجم المفصل، يقل حجم المفصل وتصبح حركته محددة ويصبح المريض معوقا ً.
أما زيادة نسبة حامض اليوريك فبسبب التغذية الخطأ حيث يتم تناول كميات كبيرة من اللحوم مثلا، في حين لا يتناول المصاب إلا قليلا من الخضراوات والفاكهة التي تولد القاعدية في الجسم .
ورب سائل يسأل عن السبب وراء عدم إصابة الجميع بهذه الأمراض إن كان ما نقوله صحيحا، أعني أولئك الذين يتمتعون بصحة جيدة على الرغم من تعرضهم إلى الأجواء الملوثة وتناولهم الأطعمة غير المتوازنة والمضرة .
من الممكن أن يكون هؤلاء ذوي بنى قوية ورثوها عن آبائهم وأمهاتهم الذين لا بد وإن كانوا يتناولون غذاءاً صحياً حتى وإن بدا أنه ليس كذلك . ذلك أنه رسخ في أذهاننا بأن الطعام الذي لا يحتوي كمية كبيرة من اللحوم ليس مفيداً إلى غير ذلك من الافتراضات الخطأ، كما أنه من الممكن أن يكون هؤلاء قد بنوا أجسامهم في ماضي حياتهم بالحركة والأنّشطة المختلفة مما يعينهم على المعيشة الخطأ فيما بعد. فمثلاً نجاً بعض الأطباء والمرضى الذين كانوا يتناولون الرز الأسمر والخضراوات البحرية وملح البحر من مخاطر الإشعاع النووي للقنبلة التي ألقيت على مدينة ناغازاكي اليابانية في 1945 م في حين أن الذين كانوا يتناولون الأطعمة الحديثة توفوا بسبب الإشعاع خلال أيام، أو بسرطان الدم بعد سنوا ت .
وقبل أن أبدأ بسرد الوسائل العلاجية أحب أن أذكر بأن الصينيين ينظرون إلى المريض، أي مريض، من زاوية عدم التوازن بين " الين " و" اليانغ " وهما مصطلحان لجهتين متقابلتين في كل شيء في الكون ، أسود وأبيض ، حار وبارد، خير شر، حلو ومر إلى آخره . فإذا ما كانا متوازنين، أي كما خلقهما الله، ليس هناك حالة مرضية، وإذا اختل التوازن حصل المرض .
وإن كان مصطلح المعالجة الطبيعية قد بدأ استعماله في مطلع القرن إلا أن أصوله قديمة . وأستطيع القول بأن أصول هذه الطريقة العلاجية تعود إلى بدء الخليقة، لأنّ الإنسان الأول عاش بالشكل الذي تهدف هذه الطريقة العلاجية أن تضعه فيه من جديد، أعني أن يعيش بتوازن و انسيابية مع الطبيعة .
ولا بد أن يكون الأنّبياء عليهم السلام قد سبقوا بإرساء قواعد هذه الطريقة المعيشية العلاجية، إلا أن أول الأسس الفلسفية والعديد من الوسائل العملية لهذه الطريقة ترجع إلى 400 ق . م . على الأقل عندما أصبح أبو قراط مشهورا باتّباع القوانين الطبيعية في العلاج.
وعلى الرغم من أن الطب المتداول يسمي أبا قراط بأبي الطب إلا أنه يتجاهل كلياً قوانين الصحة التي وضعها، والتي تقول :
1- لا يشف غير الطبيعة، بشرط إعطائها الفرصة لتحقيق ذلك.
2- ليكن الطعام دواءك وليكن دواؤك الطعام.
3- المرض هو تعبير عن التنقية.
4- المرض واحد .
الطريقة العلاجية :
هناك ثلاث قواعد رئيسة للطب الطبيعي. الأولى هي أن للجسم القدرة على شفاء نفسه من خلال قوته الداخلية ومعرفته . وهذه القوة الحيوية هي الأساس في فلسفة المعالجة الطبيعية، وأن كل ما يفعله المعالج هو توفير أفضل الظروف لتحفيز وتقوية هذه القدرة الشفائية له لطبيعة .
القاعدة الثانية هي أن المرض ما هو إلا مقاومة هذه القوة الحيوية ومحاولتها إزالة ما يعيق العمل الطبيعي للأعضاء والأنسجة . ويبحث المعالج دائما عن الأسباب الأساسية للمرض سواء كانت :
أ- كيمياوية، كأن تكون بسبب عدم توازن في كيمياء سوائل الجسم بسبب نقص التغذية، أو احتباس الفضلات سبب عدم كفاءة عمل الرئتين والكلى والأمعاء، أو بسبب سوء دوران سوائل الجسم ! .
ب- ميكانيكية، كأن تكون بسبب الشد العضلي أو تكلس المفاصل، أو عدم الأنّسجام في فقرات العمود الفقري مما يؤثر على عمل الجهاز العصبي والكيان العظمي العضلي عموما!.
ج- نفسية، مثل عدم الكفاءة بسبب الضغط العصبي والذي قد يكون بسبب القلق و الأنّزعاجات في الحياة الشخصية والعملية.
أما القاعدة الثالثة فهي أن المعالجة الطبيعية طريقة كلية كما ذكرنا في الفصل الأول .
أي أن المرض يؤثر على المريض ككل، جسمه وعقله و روحه وليس في مكان معين في الجسم، إلا أن ردود أفعال الناس لنفس المسبب تختلف حسب صحتهم الأصلية ونزعاتهم الموروثة وتاريخهم المرضي وغيرها. وما يقوم به المعالج هو محاولة معرفة السبب من وراء حالة المريض ليزيلها وليس الأعراض فقط.
من أسباب المرض :
وأول أسباب المرض ما يخص الغذاء. فإن طرق زراعته ( أو تربية الحيوانات ) وخزنه وطبخه كلها تؤثر، وكذلك أكله وكميته .
أما زراعته، فإذا استعملت الأسمدة الكيمياوية تكون، في الواقع، قد أضفت سموماً إلى طعامك . وقد أصبح هذا هو المعتاد في العقود القليلة الماضية لأجل زيادة الكمية على حساب النوعية بل الصحة .
وإذا أردت أن تحافظ على الطعام لفترة أطول من الطبيعي لا بد وأن تستعمل المواد الحافظة وخصوصاً في الأطعمة المعلبة التي باتت الطعام الوحيد للكثيرين .
وإذا أحببت أن تحسن من منظر بعض الأغذية ( هكذا يقولون ) بأن تقصرها مثلاً كما يحدث للرز الذي كان لونه أسمر فأصبح أبيض فإنك تضيف القاصر إلى غذائك ! .
أما طرق الطبخ فكثير منها يهدم قسماً كبيراً من المواد الغذائية خصوصاً القلي. كما أن استعمال ملح الطعام والتوابل وكل ما يحسن من نكهة الأطعمة ( أو قل يغيرها لأنّ الإنسان يحب ما يعتاد عليه ليس إلا ) أصبح إلى درجة أننا أصبحنا لا نتذوق الأطعمة كما هي .
وبسبب سرعة الحياة وتعقدها أخذ الإنسان يأكل أسرع من السابق ويكتفي بالأطعمة المعدة في السوق التي ليس فيها فائدة تذكر . بل إنه ليأكل وهو في زحمة العمل .
كما أصبح الأنّسان، في البلدان التي ليس فيها مجاعات، يأكل إلى حد التخمة. أصبح يأكل كميات كبيرة ولكن ذات نوعية رديئة. أو كما يقول المهتمون بشؤون المعيشة الطبيعية في أمريكا بأن الأمريكان ( وهم أكثر شعب استهلاكاً للطعام ) يتمتعون بصحة من الخارج فقط، أو هم أصحاء من الخارج ومصابون بنقص التغذية من الداخل.
والمؤسف بالنسبة لنا هو أننا نمتلك تعليمات إلهية واضحة في هذا الشأن ولكننا تركناها حبرا على ورق . فقد ورد في القرآن العظيم قوله تعالى : ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ) الأعراف - 31.
والأمر الثاني هو التلوث الذي أصاب الطبيعة من يد الأنّسان . فقد تلوثت الأرض بسبب استعمال السموم لإبادة الحشرات وأمراض المزروعات، وبسبب امتصاص التربة البطيء لسموم المعامل التي تلقى في الأنّهار . وقريبا ستبرز مشكلة النفايات النووية وهي أسوأ من كل ما سبق.
وتلوثت المياه بسبب التصريف المستمر لفضلات المعامل، حتى أثر ذلك على الحياة السمكية في الأنّهار والبحار بحيث خلت بعض الأنّهار من الأسماك .
وتلوثت السماء بسبب استعمال مبيدات الحشرات ومعطرات الجو ( وهو لعمري أسخف سبب لتلويث الجو ولتدمير صحة الإنسان بالتالي ) وأبخرة المعامل والوقود المعتمد على الاحتراق كالفحم، والحرق المستمر والمتصل للغابات ( وهذا عمل مؤسف من جهتين، تدمير الغابات وتلويث الجو ) حتى باتت الأرض مهددة بخطر ارتفاع حرارتها مما قد يؤدي إلى كوارث لا يعلم إلا الله مداها مثل ما يعرف بحالة البيت الزجاجي وهو الذي تزرع فيه النباتات في موسم البرد .
لقد خرب الإنسان التوازن الطبيعي بتدخلاته غير المسؤولة وكان كل همه إشباع رغباته، فكان قصير النظر إذ أضر بمصلحته على المدى البعيد لأجل ملذات مؤقتة . وستكشف الأيام القادمة عن حجم الخراب الذي أدت إليه الحضارة الغربية التي كم نحن الشرقيون منبهرون بها .
وكمثال واحد على التوازن الذي أنشأه الله تعالى، وكيف يخربه الإنسان ما جرى في ماليزيا في الستينات . فقد قررت الحكومة هناك استعمال مادة د . د . ت السامة في الغابات والمستنقعات لقتل بعوض الملاريا . وفعلا مات البعوض، والتهم من قبل الصراصير. ولكن تمرضت هذه الصراصير فسهل التقاطها من قبل السحالي التي أصبحت بدورها فريسة سهلة للقطط . ثم ماتت القطط بالتسمم فتكاثرت الفئران بشكل كبير، فتكاثرت براغيث الطاعون التي تعيش على أجسام الفئران . وهنا اندلع وباء الطاعون، وهلك نتيجة لذلك أكثر مما كان ممكنا للملاريا أن تقتل في سنين!! .
وهكذا ترى بأن السموم هي السبب الرئيسي وراء المرض . فإذا ما أضفت إليها الأسباب الأخرى مثل الشد العصبي بسبب تعقد الحياة خرجت بوصفة المرض في هذا الزمان. فسواء كان التسمم في الطعام أو في الجو أو بسبب عدم عمل أجهزة الجسم المختلفة بالشكل المطلوب فإن النتيجة واحدة .
كيف يمرض الجسم ؟
وكمثال على كيفية حصول العطب خذ حالة السرطان. إذا امتلأ مسرى الدم بالدهون والمواد المخاطية تبدأ الزيادة بالتجمع في الأعضاء. وبما أن الرئتين والكلى هي التي تصاب في البداية عادة فإن عملها في تنقية الدم يصبح أقل كفاءة . هذا الوضع يزيد من سوء حالة الدم أكثر وكذلك اللمف. كما أن العمليات الجراحية كاستئصال اللوزتين تضعف من اللمف وقابليته على تنظيف نفسه . وغالباً ما تؤدي هذه العمليات إلى التهابات في الغدد اللمفاوية مسببة عطباً مزمناً في نوعية الدم خصوصاً كريات الدم الحمراء والبيضاء.
وعندما تتوقف الكريات الحمراء عن التحول إلى خلايا الجسم المختلفة لا يستطيع أن يعيش العضو طويلاً . كما أن الأمعاء الدقيقة التي لا تعمل بكفاءة تزيد من تعقيد الأمر لأهميتها في نوعية خلايا الدم والبلازما. وفي كثير من الحالات يكون الوسط الأمعائي حامضياً مما يزيد الطين بلة. فلا يمكن والحالة هذه الحصول على مجرى دم صحي . ولكن ليمنع الجسم السقوط المباشر فإنه يلجأ إلى تجميع السموم على شكل أورام . وطالما لا يزال الجسم يغذى بشكل قاصر يستمر الجسم بفصل السموم مما يزيد من حجم الأورام. وعندما لا تتمكن منطقة ما من استيعاب المزيد يبدأ تجميع السموم في مناطق جديدة، فينتشر السرطان. وتستمر هذه العملية. إلي أن يمتلئ الجسم بالسرطان ويموت .
وبالجملة، يمكننا اعتبار أعراضا مثل البشرة الجافة، وتصلب الأثداء، ومشاكل البروستات، والتحوصلات في المبيض حالات ما قبل سرطانية . مع ذلك، لا يجب أن تتطور لتصبح حالات سرطانية إذا ما غيرنا من أنماط حياتنا.
أما في حالة التهابات المفاصل الروماتزمية، فإن حامض اليوريك الفائض يتجمع على العظام والعضلات و الأهم، المفاصل لقاعديتها ( تجاذب الأضداد ). وبتكلس الحامض وتحوله إلى بلورات تملأ قسماً من حجم المفصل، يقل حجم المفصل وتصبح حركته محددة ويصبح المريض معوقا ً.
أما زيادة نسبة حامض اليوريك فبسبب التغذية الخطأ حيث يتم تناول كميات كبيرة من اللحوم مثلا، في حين لا يتناول المصاب إلا قليلا من الخضراوات والفاكهة التي تولد القاعدية في الجسم .
ورب سائل يسأل عن السبب وراء عدم إصابة الجميع بهذه الأمراض إن كان ما نقوله صحيحا، أعني أولئك الذين يتمتعون بصحة جيدة على الرغم من تعرضهم إلى الأجواء الملوثة وتناولهم الأطعمة غير المتوازنة والمضرة .
من الممكن أن يكون هؤلاء ذوي بنى قوية ورثوها عن آبائهم وأمهاتهم الذين لا بد وإن كانوا يتناولون غذاءاً صحياً حتى وإن بدا أنه ليس كذلك . ذلك أنه رسخ في أذهاننا بأن الطعام الذي لا يحتوي كمية كبيرة من اللحوم ليس مفيداً إلى غير ذلك من الافتراضات الخطأ، كما أنه من الممكن أن يكون هؤلاء قد بنوا أجسامهم في ماضي حياتهم بالحركة والأنّشطة المختلفة مما يعينهم على المعيشة الخطأ فيما بعد. فمثلاً نجاً بعض الأطباء والمرضى الذين كانوا يتناولون الرز الأسمر والخضراوات البحرية وملح البحر من مخاطر الإشعاع النووي للقنبلة التي ألقيت على مدينة ناغازاكي اليابانية في 1945 م في حين أن الذين كانوا يتناولون الأطعمة الحديثة توفوا بسبب الإشعاع خلال أيام، أو بسرطان الدم بعد سنوا ت .
وقبل أن أبدأ بسرد الوسائل العلاجية أحب أن أذكر بأن الصينيين ينظرون إلى المريض، أي مريض، من زاوية عدم التوازن بين " الين " و" اليانغ " وهما مصطلحان لجهتين متقابلتين في كل شيء في الكون ، أسود وأبيض ، حار وبارد، خير شر، حلو ومر إلى آخره . فإذا ما كانا متوازنين، أي كما خلقهما الله، ليس هناك حالة مرضية، وإذا اختل التوازن حصل المرض .