يضبط المنبه بعد الوقت الذي يريد أن يستيقظ فيه بخمس دقائق ..
لأنه يكره صوته البغيض ، يستيقظ ويطفئه قبل أن يبدأ ، وينظر إليه باحتقار المنتصر ثم يعود للنوم !
بصعوبة يأتي هذا النوم ولذلك فإن التفريط فيه بسهولة من أجل رغبة منبه أهبل ليست سوى ضرب من العبط الذي لا يريد أن يبدأ به صباحه !
يبدو أن الهدف الوحيد من استيقاظة هو الرغبة في الشعور بنشوة انتصار ، حتى لو على منبه !
أقرب الناس إليه شخصيات تأتي في الحلم ، لا يعرفها في الواقع وليس لها وجود ملموس ..
هو يتعب كثيراً في حالة اليقظة حتى يحظى بنومة أطول وأحلام أكثر ، وأحبة أكثر وأعداء بعدد كاف ليعيش أحلاماً سوية !
يحلم كثيراً أنه يطير ..
والطيران في الحلم يدل على كثرة الأماني !
مع أن أمنيته الوحيدة هي أن يحظى بأحلام أكثر .. ليس إلا !
ذات منام ..
حلم انه طار لمسافة طويلة ، ارتفع عالياً ، أمعن في التحليق حتى وصل كوخ في قمة كأنه يعرفها جيداً لكنه لا يتذكرها ..
ربما لا يتذكرها لأنه لا يريد أن يحتفظ في ذاكرته بأشياء كثيرة من عالم اليقظة ..
وجد فيه إنساناً يستمع لأغنية من مذياع عتيق ، استمع معه وكانت أغنية جميلة لم يسمعها من قبل ، ولم يسمعها بعد ذلك !
حلم بعدها كثيراً وطار أكثر ..
لكنه لم يجد ذلك الكوخ ولم يسمع تلك الأغنية غير مرّة وحيدة !
لم يفكر في البحث عنها خارج الحلم ..
سيهزأون بحلمه ..
سيقولون له لا تكثر التمني في اليقظة حتى لا تطير في حلم ما ولا تستطيع الهبوط ، أو ربما ينكسر عنقك يوماً بسبب أمنية تافهة !
.
.
التقاه ذات حلم ودون أن يطير ، شيخ يوزع النصائح على النائمين ..
قال له سأهبك نصيحة لتحب الناس الحقيقين ..
الذين يمكن أن تلتقيهم وأن يصفعوك ويتركوا أثراً حقيقياً على وجهك ..
قال للشيخ : ومن قال لك أني أريد ان أحبهم ؟!
امتعض الشيخ قليلا من مقاطعته ثم قال : أنا لا أطلب منك أن تحبهم ،سأخبرك بالطريقة فقط ، قد تحتاجها لكي تحبهم إن أنت أردت ذلك ، وقد تحتاجها لتنتقم من أحد أولئك الذين ينصحونك دائماً وتنصحه لتثبت له أنك قادر على إغاظته كما يفعل هو معك !
بدا وكأنه اقتنع في كلام الشيخ .. ولكن المنبه البغيض سيبدأ في الصراخ بعد خمس دقائق ..
قال للشيخ : استأذنك سأستيقظ لأسحق هذا المنبه وسأعود فلا تذهب بعيداً ..
استيقظ وقرر ألا يطفيء المنبه ، سينصحه فقط بأن لا يصدر أية صوت حتى يذهب الشيخ الذي في حلمه ، مجرد الحديث عن النصيحة سيحبط ذلك المنبه وربما يسكته للأبد !
انتهى من المنبه وعاد للنوم ، وفتح باب أحلامه الذي تركه موارباً قبل أن يغادره ..
وجد الشيخ يجلس داخل الحلم كما تركه ..
استأذن في الدخول وانتابه إحساس غريب ، فلم يتعود أن يستأذن حين يدخل أحلامه .. كانت هي الشيء الوحيد الذي يعتقد أنه يمتلكه ..
كأنه خاف أن تصبح أحلامه أيضاً حقاً مشاعاً لغيره .. لكنه طرد هذه الفكرة وعاد ليسمع النصيحة ، وهي أيضاً المرَة
الأولى التي يجد في نفسه رغبة في سماع نصيحة أحدهم !
نهض الشيخ من مكانه ثم قال :
الأمر سهل جداً ..
أنتم في اليقظة تشعرون بحنين لأولئك الذين يرحلون ، تجدون في أنفسكم ميلاً للصفح عنهم لأنهم لم يعودوا بينكم ..
وكل أولئك الذين رحلوا لم يخبروكم أنهم سيغادرون ولا بموعد رحيلهم ، وحين يكفون عن الوجود فإنكم تضيفون إلى قائمة أمنياتكم التي لم تتحقق ، أمنية أنكم قلتم لهم شيئاً جميلا يحملونه معهم كزوادة للرحيل !
ماذا لو قلت لك سأعطيك الآن قائمة فيها أسماء كل الذين تعرفهم أو ستعرفهم يوماً وفيها مواعيد رحيلهم !
ثم صادف أنك لا تلتقي أياً منهم إلا قبل رحيله بيوم واحد .. وأنت تعرف أنه غداً سيكف عن الوجود !
بدا عرضاً مدهشاً ومخيفاً ، كان مجرد التفكير في النظر إلى تلك القائمة أمراً مرعباً !
لم يستطع أن يتخيل ردة فعله وهو ينظر إلى أسماء أولئك الذين خارج الحلم وأمام كل منهم موعد الرحيل إلى حيث لا هنا!
للمرة الأولى في أحلامه يجد نفسه عاجزاً عن الكلام .. مع أنه في أحلام سابقة كان يتحدث بلغات لا يعرفها أصلا ، ولا يعلم هل هي موجودة خارج حلمه أم أنها لغة لم يتحدث بها أحد ..
وقبل ان يتأكد أصلاً من جدّية هذا العرض ، وقبل أن يكمل الشيخ نصيحته استجمع قواه التي لم تخنه يوماً في حلم ، كما تفعل بقية الأشياء خارج أحلامه ، وقال للشيخ : سأفترض أني رأيت هذه القائمة وكان اسمك أول أسم فيها ، لذلك سأشكرك بما يكفي لكي لا أندم بعد رحيلك ..
استيقظ ليعتذر من المنبه .. الذي يبدو أن اسمه لم يكن في أية قائمة !
.
.
نسيت أن أخبركم من هو ..
إنه ببساطه .. لا أحد !
لأنه يكره صوته البغيض ، يستيقظ ويطفئه قبل أن يبدأ ، وينظر إليه باحتقار المنتصر ثم يعود للنوم !
بصعوبة يأتي هذا النوم ولذلك فإن التفريط فيه بسهولة من أجل رغبة منبه أهبل ليست سوى ضرب من العبط الذي لا يريد أن يبدأ به صباحه !
يبدو أن الهدف الوحيد من استيقاظة هو الرغبة في الشعور بنشوة انتصار ، حتى لو على منبه !
أقرب الناس إليه شخصيات تأتي في الحلم ، لا يعرفها في الواقع وليس لها وجود ملموس ..
هو يتعب كثيراً في حالة اليقظة حتى يحظى بنومة أطول وأحلام أكثر ، وأحبة أكثر وأعداء بعدد كاف ليعيش أحلاماً سوية !
يحلم كثيراً أنه يطير ..
والطيران في الحلم يدل على كثرة الأماني !
مع أن أمنيته الوحيدة هي أن يحظى بأحلام أكثر .. ليس إلا !
ذات منام ..
حلم انه طار لمسافة طويلة ، ارتفع عالياً ، أمعن في التحليق حتى وصل كوخ في قمة كأنه يعرفها جيداً لكنه لا يتذكرها ..
ربما لا يتذكرها لأنه لا يريد أن يحتفظ في ذاكرته بأشياء كثيرة من عالم اليقظة ..
وجد فيه إنساناً يستمع لأغنية من مذياع عتيق ، استمع معه وكانت أغنية جميلة لم يسمعها من قبل ، ولم يسمعها بعد ذلك !
حلم بعدها كثيراً وطار أكثر ..
لكنه لم يجد ذلك الكوخ ولم يسمع تلك الأغنية غير مرّة وحيدة !
لم يفكر في البحث عنها خارج الحلم ..
سيهزأون بحلمه ..
سيقولون له لا تكثر التمني في اليقظة حتى لا تطير في حلم ما ولا تستطيع الهبوط ، أو ربما ينكسر عنقك يوماً بسبب أمنية تافهة !
.
.
التقاه ذات حلم ودون أن يطير ، شيخ يوزع النصائح على النائمين ..
قال له سأهبك نصيحة لتحب الناس الحقيقين ..
الذين يمكن أن تلتقيهم وأن يصفعوك ويتركوا أثراً حقيقياً على وجهك ..
قال للشيخ : ومن قال لك أني أريد ان أحبهم ؟!
امتعض الشيخ قليلا من مقاطعته ثم قال : أنا لا أطلب منك أن تحبهم ،سأخبرك بالطريقة فقط ، قد تحتاجها لكي تحبهم إن أنت أردت ذلك ، وقد تحتاجها لتنتقم من أحد أولئك الذين ينصحونك دائماً وتنصحه لتثبت له أنك قادر على إغاظته كما يفعل هو معك !
بدا وكأنه اقتنع في كلام الشيخ .. ولكن المنبه البغيض سيبدأ في الصراخ بعد خمس دقائق ..
قال للشيخ : استأذنك سأستيقظ لأسحق هذا المنبه وسأعود فلا تذهب بعيداً ..
استيقظ وقرر ألا يطفيء المنبه ، سينصحه فقط بأن لا يصدر أية صوت حتى يذهب الشيخ الذي في حلمه ، مجرد الحديث عن النصيحة سيحبط ذلك المنبه وربما يسكته للأبد !
انتهى من المنبه وعاد للنوم ، وفتح باب أحلامه الذي تركه موارباً قبل أن يغادره ..
وجد الشيخ يجلس داخل الحلم كما تركه ..
استأذن في الدخول وانتابه إحساس غريب ، فلم يتعود أن يستأذن حين يدخل أحلامه .. كانت هي الشيء الوحيد الذي يعتقد أنه يمتلكه ..
كأنه خاف أن تصبح أحلامه أيضاً حقاً مشاعاً لغيره .. لكنه طرد هذه الفكرة وعاد ليسمع النصيحة ، وهي أيضاً المرَة
الأولى التي يجد في نفسه رغبة في سماع نصيحة أحدهم !
نهض الشيخ من مكانه ثم قال :
الأمر سهل جداً ..
أنتم في اليقظة تشعرون بحنين لأولئك الذين يرحلون ، تجدون في أنفسكم ميلاً للصفح عنهم لأنهم لم يعودوا بينكم ..
وكل أولئك الذين رحلوا لم يخبروكم أنهم سيغادرون ولا بموعد رحيلهم ، وحين يكفون عن الوجود فإنكم تضيفون إلى قائمة أمنياتكم التي لم تتحقق ، أمنية أنكم قلتم لهم شيئاً جميلا يحملونه معهم كزوادة للرحيل !
ماذا لو قلت لك سأعطيك الآن قائمة فيها أسماء كل الذين تعرفهم أو ستعرفهم يوماً وفيها مواعيد رحيلهم !
ثم صادف أنك لا تلتقي أياً منهم إلا قبل رحيله بيوم واحد .. وأنت تعرف أنه غداً سيكف عن الوجود !
بدا عرضاً مدهشاً ومخيفاً ، كان مجرد التفكير في النظر إلى تلك القائمة أمراً مرعباً !
لم يستطع أن يتخيل ردة فعله وهو ينظر إلى أسماء أولئك الذين خارج الحلم وأمام كل منهم موعد الرحيل إلى حيث لا هنا!
للمرة الأولى في أحلامه يجد نفسه عاجزاً عن الكلام .. مع أنه في أحلام سابقة كان يتحدث بلغات لا يعرفها أصلا ، ولا يعلم هل هي موجودة خارج حلمه أم أنها لغة لم يتحدث بها أحد ..
وقبل ان يتأكد أصلاً من جدّية هذا العرض ، وقبل أن يكمل الشيخ نصيحته استجمع قواه التي لم تخنه يوماً في حلم ، كما تفعل بقية الأشياء خارج أحلامه ، وقال للشيخ : سأفترض أني رأيت هذه القائمة وكان اسمك أول أسم فيها ، لذلك سأشكرك بما يكفي لكي لا أندم بعد رحيلك ..
استيقظ ليعتذر من المنبه .. الذي يبدو أن اسمه لم يكن في أية قائمة !
.
.
نسيت أن أخبركم من هو ..
إنه ببساطه .. لا أحد !